تحوّل سوق العقارات في دبي إلى مركز استثماري مزدهر

نُشر في 14 مارس | المدونات

تتمتّع دبي بمكانة عالمية مرموقة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وتساهم بشكلٍ كبيرٍ في جهود دولة الإمارات الرامية إلى تنويع اقتصادها. فقد كثّفت الحكومة الإماراتية جهودها لدعم مختلف قطاعات الاقتصاد غير النفطي، وعلى رأسها قطاع العقارات، بهدف الحدّ من اعتمادها على إيرادات النفط والغاز.

شكّلت دبي وجهة رئيسية للاستثمار العقاري على مدى سنوات كثيرة. فقد شهدت المدينة زيادة كبيرة في أسعار العقارات وعائدات الإيجار والمعاملات العقارية خلال السنوات الأخيرة بفضل اقتصادها المزدهر وبنيتها التحتية المتطوّرة وقطاع السياحة فيها، ما يجعلها سوقاً جذاباً للمستثمرين من جميع أنحاء العالم. وصحيح أنّ المجتمع العالمي بات مُلماً بالإنجازات والأنظمة التي ترعى سوق العقارات في دبي اليوم، إلا أنّ الكثير من الأشخاص ما زالوا يجهلون تاريخ هذا السوق ومسيرة تطوّره التي اشتملت على سياسات ثورية.

يمكن القول إنّ سوق العقارات في دبي انطلق رسمياً في العام 2002، عندما منح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، حقوق التملّك الحر لغير المقيمين ليتيح لهم شراء العقارات في دبي. بعدها، تلقّى سوق العقارات في دبي استثمارات كبيرة من المستثمرين من القطاع الخاص، ما أدّى إلى تطوير مشاريع عقارية مميزة، ومنها نخلة جميرا، ودبي مارينا، وإماراتس ليفينغ، وجميرا، وداون تاون دبي.

وعقب نجاح هذه المشاريع العقارية، رسّخت دبي مكانتها بصفتها وجهة سكنية وتجارية وسياحية بارزة على الصعيد العالمي، وتلقّت تدفقات كبيرة من رؤوس الأموال الأجنبية. فبحسب مركز دبي للإحصاء، كانت دبي تضم 1,010,751 مقيماً في العام 2002، وكان 75% منهم من الأجانب أو المغتربين. وعندما توسّع قطاع العقارات في دبي عام 2007، أنشأت الحكومة مؤسسة التنظيم العقاري وفرضت مجموعة من القواعد والمبادئ التوجيهية لتسريع معاملات الأراضي والعقارات وتسجيل سندات الملكية. وتُعتبر الزيادة في تكاليف التسجيل العقاري، إلى جانب لوائح سقف الرهن العقاري، من الابتكارات التنظيمية المهمة التي ساهمت في الحدّ من تقلّب الأسعار في السوق.

شهد قطاع العقارات في دبي ارتداداً هائلاً خلال العقد الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار العقارات السكنية وزيادة الطلب عليها. وتُعتبر دبي وجهة رائدة تقدّم مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، مما ساهم في استقطاب المجتمع العالمي إلى سوق العقارات في المدينة ودفع بعجلة نموها. ونذكر من هذه الأنشطة معرض "إكسبو 2020 دبي" الذي اجتذب عدداً كبيراً من الزوار من حول العالم وساهم في نمو سوق العقارات في الإمارة. فمنذ أن وقع الخيار على دبي لاستضافة معرض إكسبو 2020، بدأت الإمارة ببذل جهود حثيثة لاستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم، فازدهر قطاع العقارات، بحيث تم بناء عقارات لاستيعاب السياح المتوافدين إلى المدينة والذين قد يتحوّلون إلى مقيمين محتملين.

أما اليوم، فمن المتوقع أن يستفيد سوق العقارات في دبي من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي سيستضيف 140 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 80 ألف مشارك. كما من المرتقب أن تساهم الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031 التي تم إطلاقها مؤخراً في دعم الاستثمار في قطاع السياحة عبر مجالات مختلفة ذات صلة، ومنها السفر والطيران والضيافة. ويواصل سوق العقارات في دبي مساره التصاعدي، لاسيما في ظل التوقعات الإيجابية التي اختُتم بها العام 2022، والمكاسب الهائلة التي تم تحقيقها في شهر ديسمبر. ولا شك في أنّ تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى سوق العقارات في الإمارة قد أدى إلى ارتفاع الأسعار في الفترة الممتدة من يناير إلى فبراير 2023.