بدأت تقنيات الميتافيرس الصاعدة بإحداث تغيّرات ملحوظة في مختلف القطاعات عبر إتاحتها أداة فعالة تدمج العالمين الرقمي والمادي لتقديم تجارب غامرة محسنة، وتتجلى إحدى أبرز تجليات في قدرة هذه التقنيات على إحداث تحولات نوعية في قطاع العقارات عبر توفير تجارب افتراضية تحاكي الهيكليات المادية والبيئة المحيطة بها، وهو ما يغير طريقة تفاعل المشترين والبائعين مع بعضهم ومع عقاراتهم.
وفي قطاع العقارات، بالذات تتيح تقنيات الميتافيرس سلسلة كاملة من المنافع ووسائل الراحة للوكلاء والبائعين على حد سواء، حيث تلاقي المزايا التي تتيحها، من حيث التكلفة والوقت على وجه الخصوص، اهتمامًا كبيرًا بسبل توسيع نطاق استخدام هذه التقنية في القطاع، حيث تسمح الميتافيرس بإنشاء مساحات افتراضية غامرة تمامًا تمتاز بهيكلياتها التي تعكس قطع الأراضي والمباني والمنشآت في العالم الحقيقي. ونشهد في الوقت الحالي إقبال المستثمرين والمشترين من شتى أنحاء العالم على الاستثمار في هذه البكسلات الحاسوبية بسبب خصائصها المميّزة، والتي تقلّص الحاجة إلى زيارة المواقع الحقيقية بشكل فعلي.
تتيح المنصات الافتراضية للميتافيرس إمكانية بناء وتصميم العقارات الحقيقية، مما يتيح للمشترين فرصة تجربة منازلهم حتى قبل بنائها، كما يمكن للمصممين أيضًا معاينة كافة التفاصيل وإجراء تعديلات أو تحسينات حسب الحاجة، ما قد يوفر الكثير من الوقت والمال مقارنة بما هو الحال في الإجراءات التقليدية. كما يتيح هذا النسخ الافتراضي للأراضي والممتلكات أيضًا لأصحاب العقارات إمكانية عرض محفظتهم على جمهور أوسع، ما يسمح للمشترين بزيارة العقارات من أي بقعة في العالم تقريبًا دون الحاجة لمغادرة مكان تواجدهم بشكل فعلي. ولهذا السبب تسمح العقارات الافتراضية بتبسيط عملية البيع والشراء، نظرًا لانعدام الحاجة للسفر على أرض الواقع، ما يسمح للوكلاء العقاريين بإتاحة تجارب أكثر بساطة وسلاسة لعملائهم.
كما تتمثل إحدى المزايا الأخرى للميتافيرس في غياب الهيئات التنظيمية.
تتألف المنظومات العقارية الفعلية والافتراضية من المشترين والبائعين ومطوري العقارات ومقدمي الخدمات، غير أن العقارات الافتراضية تحظى باهتمام لافت نظرًا لغياب الجهات التنظيمية، حيث تعتبر عقارات الميتافيرس معفية من أي لوائح أو قيود تنطبق على العقارات التقليدية، فليست هناك أي متطلبات قانونية على الأراضي الافتراضية الميتافيرس بموجب أي لوائح قانونية، وذلك بخلاف العقارات التقليدية التي تحكمها القوانين وتخضع لرقابة صارمة من الجهات المختصة. غير أن عدم خضوع العقارات الافتراضية للرقابة التنظيمية يأتي مع مزايا وعيوب في آن معًا؛ ففي حين أدّى غياب هذه الرقابة الخارجية إلى تسريع نمو هذه الفئة بشكل كبير في فترة زمنية قصيرة، غير أنّه أدى أيضًا إلى ردع المستثمرين الحذرين عن الاستثمار في هذا القطاع.
قد تكون إمكانية إنشاء المساحات الافتراضية عاملًا جاذبًا بشكل خاص للميتافيرس في عيون المشترين الباحثين عن مساحات مميّزة أو مخصصة، حيث يمكن للعملاء على سبيل المثال إضفاء طابع شخصي على التصميم الداخلي للمنزل والأثاث وحتى تخطيط العقارات الافتراضية لتناسب أذواقهم. بالإضافة إلى ذلك يتيح الميتافيرس أيضًا للمنخرطين في قطاع العقارات العمل معًا، بما يشمل المهندسين المعماريين والمصممين و المطورين، بدون الحاجة لعقد اجتماعات أو لقاءات حقيقية، إذ يمكنهم التعاون بشكل افتراضي لتصميم وبناء وتحسين العقارات. كما أن الميتافيرس يعزز الاستدامة البيئية عبر خفض البصمة الكربونية الناجمة عن متطلبات السفر المادي وغيرها من الاحتياجات النانجمة عن الزيارات التقليدية، وعلى هذا الصعيد بالذات يمكن للميتافيرس أن تلعب دورًا إيجابيًا في مبادرات الاستدامة ضمن قطاع العقارات.
يقدّم الميتفايرس منظورًا جديدًا لقطاع العقارات بشكل عام، ما يتيح تجارب محسنة لكل من المشترين والبائعين. ومع تطور هذه التقنية واتساع نطاق استخدامها، فإننا نتوقع زيادة في تطبيقاتها مما يغير طريقة نظر الناس للعقارات وسبل شرائها واستخدامها.